بسم الله الرحمن الرحيم
إن جنحت نفسك يومًا للوقوع في المعاصي والانهماك في الشهوات المحرمة، اعلم أنّ الخالق غفور رحيم، يقبل التوب ويعفو عن السيئات، وأنه مهما أسرفت في الذنوب ثم تبت منها فإنّ الله يغفرها جميعًا. لقوله عزّ وجل: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم) ( سورة الزمر/ آية 53 ) ، والقنوط من رحمة الله هو أن يجزم المرء في نفسه بأنّ الله لا يرحمه ولا يغفر له بل يعذبه، وهذا القنوط ذنب من الكبائر.
شروط التوبة التي لا بد منها لقبول التوبة عند الله هي:
1 ـ الإقلاع عن المعصية أي تركها ، فيجب على شارب الخمر أن يترك شرب الخمر لتُقبل توبته .أما قول: أستغفر الله وهو ما زال على شرب الخمر فليست بتوبة.
2 ـ العزم على أن لا يعود لمثلها ، أي أن يعزم في قلبه على أن لا يعود لمثل المعصية التي يريد أن يتوب منها، فإن عزم على ذلك وتاب لكن نفسه غلبته بعد ذلك فعاد إلى نفس المعصية فإنه تُكتب عليه هذه المعصية الجديدة، أما المعصية القديمة التي تاب عنها توبة صحيحة فلا تكتب عليه من جديد.
3 ـ الندم على ما صدر منه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: " الندم توبة " رواه الحاكم وابن ماجه.
4 ـ إن كانت المعصية تتعلق بحق إنسان كالضرب بغير حق، أو أكل مال الغير ظلمًا، فلا بدّ من الخروج من هذه المظلمة إما برد المال أو استرضاء المظلوم ؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام: " من كان لأخيه عنده مظلمة، فليتحلله قبل أن لا يكون دينار ولا درهم " رواه مسلم رحمه الله.
5 ـ يشترط أن تكون التوبة قبل الغرغرة، والغرغرة هي بلوغ الروح الحلقوم ، فمن وصل إلى حدّ الغرغرة لا تقبل منه التوبة، فإن كان على الكفر وأراد الرجوع إلى الإسلام لا يقبل منه، وإن كان فاسقًا وأراد التوبة لا يقبل منه؛ وقد ورد في الحديث الشريف: " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " رواه الترمذي وقال حديثاً حسن.
ويشترط أن تكون قبل الاستئصال، فلا تقبل التوبة لمن أدركه الغرق مثل فرعون لعنه الله
وكذلك يشترط لصحتها أن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها، لما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام: " إن في المغـــرب بابًا خلقــه الله للتوبة مسيرة عرضه سبعون عامًا لا يُغلق حتى تطلع الشمس منه " رواه ابن حبان. وقال عليه الصلاة والسلام: " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " رواه مسلم.
فكم من أناس فاسقين فاسدين ، بالتوبة صاروا من الأولياء المقربين الفائزين.