بسم الله الرحمان الرحيم
اعلموا أخواتى واخوتى فى الله أنه قد كان في الأنبياء عليهم السلام من له المعجزة والنبوة معاً مثل موسى والمسيح عليهما السلام وقد ذهبت معجزاتهما بذهابهما ، فلم يبق في أيدي الناس منها إلا ذكرها ، ومنهم من كانت له نبوة ولم تكن له معجزة مثل زكريا عليه الصلاة وسلام.
وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد جمع الله له النبوة والمعجزة معاً وقد كانت معجزة القرآن الكريم التي جاء بها الرسول الأمي هي من اعظم معجزاته وقد تميز بها على سائر الانبياء ببقاءها حتى قيام الساعة ................. أما معجزات من سبقه من الانبياء فقد كانت معجزات حسية انتهت بانتهاء وقتها ، فلو انك سألت أي نصراني اليوم أرني معجزة من معجزات المسيح فلن يجيبك .
هذا وقد تحدى الله سبحانه وتعالى العرب حين نزول القرآن وقد كانوا اصحاب فصاحة وبلاغة وبيان معروف ، أن يأتوا بسورة من مثل القرآن . وأفرغ هذا التحدي في قوالب مختلفة من اللفظ والأسلوب وأنهضهم إلى ذلك بالتقريع والتحمس ومختلف أشكال التحدي فقال لهم مرة : (( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ )) وقال لهم متحدياً : (( أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ))
وبجانب معجزة القرآن الكريم هناك الكثير من المعجزات والآيات الحسية قد قام بصنعها الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرتها الاحاديث الصحيحة ونذكر منها ما يلي :
1- معجزة نبوع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم :-
روى البخاري عن أنس بن مالك قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الاناء فأمر الناس أن يتوضئوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم [ صحيح البخاري ج 1 / ص 74] [ صحيح مسلم ج4 / ص 1783 ] [ صحيح ابن حبان ج/14 ص/ 477 ]
وروى البخاري عن جابر بن عبدالله قال: عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة (أي إناء صغير من جلد) يتوضأ فجهش الناس نحوه (أي تجمعوا) قال: ما لكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة
2- معجزة شفاء علي رضي الله عنه وغيره من الصحابه :-
قال عليه الصلاة والسلام في غزوة خيبر :- ( لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب فقيل هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال : فأرسلوا إليه ( ائتوني به ) فأُتي به فنفث في عينه بقليل من ريقه عليه الصلاة والسلام فبرأ لتوه ولم يمرض بعينه قط . [ رواه البخاري في كتاب الغزوات ورواه مسلم في باب فضائل الصحابه ]
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه : أن عبدالله بن عتيك لما قتل أبا رافع ونزل من درجة بيته سقط إلى الأرض فانكسرت ساقه ، قال : فحدثت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( ابسط رجلك فبسطها فمسحها فكأنما لم أشكها قط )) [ صحيح البخاري ج 4 / ص 1483]
3- معجزة رّد عين قتادة بعد تدليها :-
في غزوة أحد أُصيب قتادة بن النعمان في عينه حتى سقطت وتدلت على وجـنته (أي على أحد خده ) فردها عليه الصلاة والسلام بيده الشريفة فبرأت على الفور ، وصارت عينيه تلك أحسن عينيه . . . فتلك من آيات الله التى أيد الله بها رسوله ........
5- خروج الجن من الصبي بدعائه صلى الله عليه وسلم :-
عن أبن عباس رضي الله عنهما قال :-إن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت :يا رسول الله ان به لمماً ،وإنه يأخذه عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا قال:- فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له فثعّ ( أي قاء أو سعل مرة واحدة ) فخرج منه مثل الجرو الأسود يسعى . [ رواه الدرامي ]
6_معجزة حنين جذع النخل شوقاً إليه صلى الله عليه وسلم :-
روى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب استند إلى جذع نخلة من سواري المسجد ، فلما صنع له المنبر فاستوى عليه ، صاحت النخلة التي كان يخطب عليها حتى كادت أن تنشق ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذها فضمها إليه ، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت حتى استقرت ، قال : بكت على ما كانت تسمع من الذكر )) [ رواه البخاري
7 - معجزة تحول جذل الحطب سيفاً :-
الجذل :هو عود غليظ من أصل الشجرة ، لقد انكسر سيف عكاشة بن محصن يوم بدر فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم جذل حطب فقال له :- ( اضرب به ) فأنقلب في يده سيفاً ، صارماً طويلاً أبيضاً شديد المتن ، فقاتل به ، ثم لم يزل عنده يشهد به المواقف إلى أن استشهد عكاشة في قتال أهل الردة ، وبعدما قتل بلعت الأرض ذلك السيف 0
8 - معجزة سكون اضطراب الجبل بأمر الرسول
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم ، فقال : (( اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .)) وفي رواية : فضربه برجله وقال : (( أثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان )) [ رواه البخاري في كتاب فضال الصحابه ] [ صحيح ابن حبان ج14/ص415
9 - من معجزاته صلى الله عليه وسلم إخبار الشاة له انها مسمومة :
روى البخاري في صحيحه عن انس بن مالك رضي الله عنه ، أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة ، ولما أكل منها اخبرته الشاة انها مسمومة ، فجيىء باليهودية إلى رسول صلى الله عليه وسلم ، فسألها عن ذلك ، فقالت : أردت لأقتلك ، قال : لا ، ما كان الله ليسلطك علي . [ متفق عليه ] [ اخرجه البخاري في كتاب الهبة ومسلم
10 - معجزة نطق الغزالة ووفاؤها له صلى الله عليه وسلم :-
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قوم قد اصطادوا ظبية ،فشدوها على عمود فسطاط ،فقالت : يا رسول الله إني أُخذت ولي خِشفان ( الولد الصغير) فإستئذن لي أرضعهما وأعود إليهم ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم أين صاحب هذه ؟ فقال القوم نحن يا رسول الله قال :- (خلوا عنها حتى تأتي خشفيها ترضعهما وترجع إليكم ) فقالوا من لنا بذلك ؟ قال :- (أنا) فأطلقوها ،فذهبت فأرضعت خشفيها ثم رجعت إليهم ، فأوثقوها فمر بهم صلى الله عليه وسلم فقال :- (أين صاحب هذه؟) فقالوا :-هذا يا رسول الله فقال ( تبيعونها؟ ) فقالوا :- هي لك يا رسول الله ، فقال :- (خلو عنها فأطلقوها) فذهبت ،فنُطقها آية من نبوته .
11 - معجزة نزول المطر بدعائه :-
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال: أصابت الناس سنة (جدب) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة فقام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله أن يسقينا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وما رأينا في السماء قزعة (قطعة سحاب) فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار (انتشر) سحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر (يتقاطر) على لحيته قال: فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد الغد والذي يليه إلى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي أو قال غيره، فقال: يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال فادع الله لنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا قال: فما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده إلى ناحية من السماء إلا فرجت حتى صارت المدينة في مثل الجوبة (أي حتى صارت السحب والغيوم محيطة بالمدينة) في السحاب، وسال الوادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود ........ صحيح البخارى .
12 - معجزة فيضان ماء بئر الحديبية :-
ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم أنه لما كان بالحديبية هو وأصحابه سنة ست من الهجرة وكان الحديبية بئر ماء فنزحها أصحابه بالسقي منها حتى لم يبقى فيها ما يملأ كأس ماء وكانوا ألفاً وأربعمائة رجل ،وخافوا العطش فشكوا ذلك إليه صلى الله عليه وسلم فجاء فجلس على حافة البئر فدعا بماء فجئ به إليه فتمضمض منه ،ومج ما تمضمض به في البئر ،فما هي إلا لحظات ،وإذا البئر فيها ماء فأخذوا يسقون فسقوا وملأوا أوانيهم وأدوات حمل الماء عندهم وهم كما تقدم ألف وأربعمائة رجل ،وهم أهل بيعة الرضوان الذين رضى الله عنهم وأنزل فيهم قوله تعالى من سورة الفتح :- ( لَقَد رَضِيَ الله عَنِ المُؤمِنِينَ إَذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الَشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا في قُلُوبِهِم فَأَنْزَلَ السَّكِيَنَة عَلَيْهِمْ وأثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ). [ رواه البخاري